الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
سنتحدث اليوم إن شاء الله عن القلب. يقول النبي صلى الله عليه وسلم : "إن الله لا ينظر إلى صوركم ولا إلى أجسامكم ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم". هناك قلوب فيها نفاق وقلوب فيها نور وقلوب فيها غفلة وقلوب فيها ظلمة وقلوب فيها قساوة. يقول الله تعالى في كتابه الكريم : " في قلوبهم مرض فزادهم الله مرضاً ". هناك أناس في قلوبهم مرض فما هو الشفاء؟ ذكر الله تعالى هو شفاء للقلوب فالذي يذكر الله سبحانه وتعالى يشفي الله له قلبه. فإن الرسول صلى الله عليه وسلم يعلمنا أن ننتبه ويقول: "إذا أخطأ العبد خطيئة نكتت في قلبه نكتة فإن نزع واستغفر صقلت وإن عاد زيد فيها حتى تعلو قلبه فذلك الرين الذي قال الله تعالى فيه " كلا بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون".
أيضاً الإنسان كلما عمل الذنوب كلما امتلأ قلبه بحجاب يمنع نور الله أن يدخل قلبه. وإن مجالس العلم وقراءة القرآن والأعمال الخيرة تعطي القلب نوراً. إن الإنسان الذي دخل قلبه النور يكون في قلبه ربيع. أوصى سيدنا علي ابنه الحسن رضي الله عنهما فقال له: "لقاء أهل الخير عمارة القلوب". أي عندما نتلاقى مع أهل الخير تتكون عمارة في القلب. فإننا كما نعمّر بيوتنا بالأثاث كذلك فلنعمّر قلوبنا وصحائفنا بالنور.
وقد كتب سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه رسالة إلى أبي موسى الأشعري قال له فيها: "تعلموا كتاب الله فإنه ينابيع العلم وربيع القلوب". فهنالك إنسان مختوم على قلبه بالظلام كما قال الله تعالى: "ختم الله على قلوبهم وعلى سمعهم وعلى أبصارهم غشاوة". فعندما يكون على قلوبهم ختم لم يعودوا يحبون الله ولا الأنبياء ولا أعمال الخير والطاعة، كذلك إن أعطيناهم موعظة لم يتعظوا، فقال الله في القرآن الكريم: " إن في ذلك لذكرى لمن كان له قلب". والإنسان لا يتعظ إلا إذا كان صاحب قلب. نسأل الله تعالى أن يجعلنا من أصحاب القلوب. قال صلى الله عليه وسلم لأحد صحابته: " يا ابن مسعود إن من إشراط الساعة أن تزين المحاريب وتخرب القلوب". أي من علامات الساعة أن نزين المساجد والأماكن التي نعبد الله فيها ونترك قلوبنا فلا نزينها بنور الله ولا بالطهارة.